الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

مازلت استطيع

منذ  يوم الخميس وأنا أقوم بتجهيز ملابسي وكنت ابحث عن ملابس بعينها أطلقت عليها (طقم المظاهرات) حتى
ارتاديها غداً ،وفى صباح يوم الجمعة استيقظت قبل الصلاة وعزمت النزول إلى الميدان حتى أصلى هناك كعادتي كل  يوم جمعة منذ  28/1  .
وقفت لارتدى حجابي  وتذكرة يوم جمعة الغضب وكأنه  لم يمضى علية أكثر من ساعة وتذكرة  تلك  ألحظه التى غيرة مسار حياتي  وحولتني من طبيبة إلى مريضة ولكن مرض لا يوجد له علاج لدى أطباء العالم لقد فقدت عيني اليمنى فى ذالك اليوم ...
لم استطع أن يمر أمامي شريط الذكريات أكثر من ذالك ففررت من أمام ألمرآه متجها إلى ميدان التحرير  المكان الوحيد الذي يعتبروني الناس هناك بطلة لكن خارجة انضم إلى قائمة المعاقين وينظر إلى كل الناس بنظرة العطف والشفقة
فى الميدان اجتمع بأشخاص  مثقفون وفنانون  وشعراء أنا اعتبرهم عائلتي لا ولكنهم  أكثر من الأهل لقد عشنا سوياً وممررنا بكل أنواع الأحاسيس  سوياً أنهم أصدقائي مصابي الثورة و رغم السعادة التى اشعر بها داخل الميدان رغم أن بعد أحداث ماسبيرو أصبح الميدان كتاب كبير يجمع كل أحزانى ،  فقد أتذكرة  هنا كان يمر ضاحكاً وهنا كان يغنى وهنا كان يهتف وهنا كان يساعد كل من طلب منه مساعدة أو لم يطلب أشم رائحته فى كل ركن داخل الميدان ...
تسألوني من هو؟؟ هو مينا كانت بداية معرفتي بمينا كانت يوم 8 ابريل حينما كنا معتصمين تضامن مع الضباط  الذين كانوا  فى الميدان وعندما هجم الجيش كعادته الوحشية لم أجد أي احد بجواري سوى مينا الذي ساعدني فى  الهروب من الموت   ويومها أصبحنا أصدقاء وكان لى أخ صغير كان  دائما يجلس معنا ويساعدنا نظراً لان بعضنا فقد عينة وآخرون  قاموا بعمليات بتر للأطراف  . ولكنى عندما دخلت الميدان وتذكرة مينا  كيف كان يساعدنا وكان مثال للشباب المصري الذي نتمناه جميعاً تعهدت  لروحه الطاهرة أنى لن أستريح الا إذا  انتقمت له
ولكن هذه الجمعة (18/11) لم نشارك حتى فى الهتاف مع المتظاهرين لأنهم أهملونا  وكان  عدد كبير  من المتواجدين فى الميدان يقوم بدعاية انتخابية لكن من نوع جديد !
وبعد أن انصرفُ   قمنا بالاعتصام نحن وآخرون من مصابين الثورة  وأهالي الشهداء وبعض الشباب المساندين لنا ولمطالبنا بحقوقنا وحق كل مصاب وحق أهالي الشهداء وأيضا حق كل مصري فى أن يشعر بان دماء أخواته لم تضيع بلا جدوى وإننا استطعنا التخلص من الحكم العسكري الذي نعيش به لأكثر من ستون عاماً فنحن لم نكن نريد تبديل مبارك خمري البشرة بطنطاوي الأسمر صاحب البدل المدنية !
وكنت أؤمن أنى استطيع أن افعل شيء ... حتى فى حين أن المرة السابقة دخلت الميدان بعنين وخرجت بوحدة فهذا ليس بسيئ فمازلت استطيع أن افعل شيء
ولكننا فوجئنا بالأمن المركزي وبعض عساكر الجيش  من حيث لا ندرى يضربون من فى الميدان  مما دفع الشباب إلى التصدي لهم  وعندما اقتربوا منا قام صديقي عبد الرحمن احد مصابي الثورة الذي فقد رجله اليسار  فى الثورة ... قام عبد الرحمن بمحاولة الوصول إلى الضابط ليلفت نظره أننا مصابي الثورة  ولسنا بلطجيا وان من معنا هكذا ولكننا تفاجئنا بأنة لم يستطيع الوصول  أصلا وانه بمجرد التحرك تجاهه الضابط   وكأنه لفت النظر تجاهنا فنهال علينا بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي  ولم نستطع الهروب ولكن عندما استطعت فتح عيني بعد أن ساعدني احد المتظاهرين  وجدت ضابط أمامى أخذت اسأله يا مجرمين أين مينا لو كنتم تركتم مينا حياً لما استطعت أن تفعل هكذا خوفكم  من مينا  وأمثلة هو الذي جعلكم تدهسوا بدباباتكم  وفجأة  صفعني  على وجهي وقال لي ( وأنت بقى يا بت كنت صحبته ولا أيه وحيات أمي لنربيكم عشان تعرفوا  ثورتكم وصلتكم لأيه  د أحنا  أسيدكم ، يا عسكري  خد ألأموره دي )  وفجأة أخذني العسكري ولكن ما لفت نظري أن  الضابط كان جيش والعسكري كان شرطة!!!  وعندما أخذني احتجزني فى مدخل عمارة بجوار كنتاكي ووجدت كثير من الشباب هناك وكنا نتعرض للضرب كلما شعر العساكر الذين كانوا معنا ببعض الملل وكنا لا نقدر على منع أنفسنا من التهليل كلما علمنا ان العدد يزيد أو أن الناس تتظاهر فى الأقاليم والمحافظات  مما يجعلهم يزدادون غيظاً  ويزيدون ضرباً  وبعد حوألي الاربع ساعات  استطاعوا بعض الشباب إنقاذنا  ولكن بمجرد خروجنا من هذه العمارة والرجوع إلى الميدان وجدنا الرصاص المطاطي والرصاص الحي  يسقط علينا كالمطر  فجأة ... لم أرى أي شيء ولم اشعر ألا بدماء ينزف من وجهي  فاخذونى سريعاً إلى المستشفى الميداني وقالت الدكتورة (لازم تتحول المستشفى فوراً) وهذه ألحظات لم تكن غريبة  بالنسبة لي لاني قد عشتها من قبل ولكنى بمجرد وصولي مستشفى العيون الدولي  قال الدكتور (حضرو غرفة العمليات بسرعة ) كل هذا وان لم انطق حرف كنت صامتة لا أدرى ماذا يحدث حولي وكل ما اشعر به هو الم مميت فى عيني اليسار وكنت أفكر هل افقدها هي  الأخرى وبعد خروجي من غرفة العمليات واحتجازي بالمستشفى لمدة ساعات  عيني ملفوفة طلبت أتحدث إلى الدكتور وأول كلمه نطق بها حينما طلبت منه أن يطمئنني  قال (أنت بطلة ومؤمنا ودي إرادة ربنا أنت فقدتى عينك الشمال ) فوجدت نفسي أجيب بدون تفكير للحظة أنا مستعدة أضحى عشان مصر بروحي مش بعيني بس وبعدها بثواني تفاجئه وكأنه اخبرني فى وقتها فأخذت اصرخ( هل أصبحت كفيفة ... أنا طبيبة امتياز ...أنا مستقبلي ضاع هما العسكر عايزين منينا أيه كفاية   بقى شهداء وجرحى ومعتقلين وسجن عسكري للمدنين ومذابح وكشف عذرية كفاية بجد ) ووقفت وقلت لهم أرجوكم ترجعوني التحرير  قالي الدكتور صعب أنت مينفعش تشمي غاز  ولا تتعرضي لضرب جاوبنه  أرجوكم ورجعوني.
 وأول ما وصلت كان الضرب اشتد ولكن هذه المرة أتيت إلى الميدان بعين  واحدة  وعدت له بدونه ولكنى أؤمن أني مازلت استطيع  على الأقل استطيع  الهتاف فأخذت اهتف يسقط يسقط حكم العسكر ولن انوي التحرك من الميدان الا بعد سقوط حكم العسكر واسترداد حق الشهداء والمصابين والمسجونين فى السجن العسكرية لن أتحرك ألا بعد أن ترجع لي بلدي .....
 أنت تمتلك أكثر من صوت تهتف بيه فلماذا مازلت فى منزلك ؟؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق